التعلم وتطوير المهارات التعلم وتطوير المهارات
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

(مفهوم الغير) المحور الثاني: معرفة الغير

 

معرفة الغير:



إشكالية المحور:

إذا كان وجود الغير مهم بالنسبة للانا، فهل يمكن للأنا أن تدرك وتعرف الغير؟ ماهي المعرفة؟ تتخذ من خلال إدراك وتكوين فكرة من طرف الذات حول موضوع أو شيء من العالم الخارجي:

إذن هل نعرف الغير كما نعرف الموضوعات الخارجية؟ الا يقود ذلك إلى معرفة سطحية بالغير؟ اليس بإمكاننا معرفة الغير باعتباره ذات من خلال التواصل والحوار؟ بمعنى أخرى هل التواصل والحوار يقودنا إلى معرفة الغير؟



ديكارت: اللامبالاة بوجود الغير 

أسس ديكارت فلسفته على مبدأ الكوجيطو، "أنا أفكر إذن أنا موجود" باعتباره الحقيقة اليقينية والمبدأ الذي يصمد أمام الشك، وينطلق من الشك من أجل الوصول إلى اليقين، فبعدما شك ديكارت في كل شيء انتبه أو وجد أن الشك لا يمكن الشك فيه. والذي يشك حقا، يفكر، والذات المفكرة لابد بالضرورة أن تكون موجودة.

 هكذا أثبت ديكارت أناة بمعزل عن الآخرين بتجربة تأملية فكرية باطنية جعلت الأنا في عزلة تامة، وبذلك جعل الغير خارج دائرة اليقين ولا يمكن اكتشافه بواسطة الوعي، فوجود الغير إذن حسب ديكارت لا يمكن إدراكه إلا من خلال عملية الاستدلال بالمماثلة أي لكونهم يشبهونني، يماثلونني.

صعوبة معرفة الغير: مالبرانش:

     على نفس النهج الديكارتي يسير الفيلسوف مالبرانش، يقر بأن معرفة الغير ليست سوى معرفة تخمينية لا ترقى إلى أن تكون معرفة يقينية. لأن معرفة نفوس الآخرين وعقولهم بواسطة الوعي مستحيلة لكون إدراك وعي آخر بواسطة وعيي (أنا) يتعارض مع معنى الوعي، بوصفه حضورا للذات إزاء نفسها. كما أن معرفة الغير بواسطة العواطف تظل معرفة خاطئة نظرا لكون انفعالاتي وإحساساتي تختلف كليا عن إحساسات وانفعالات ذات أخرى.  لهذا فمعرفة مالبرانش لا تخرج عن الاستدلال بالمماثل لكونه شبيها لي.

المناقشة: 

هل فعلا يمكن للذات أن تعي ذاتها بمعزل عن الآخر؟ أليس الانعزال انعزالا لوجود الغير والتأثر به والشعور به؟ هل يمكن للأنا أن ينعزل لولا شعوره بالغير؟ وهل يمكن معرفة الغير والتواصل معه والنفاذ إلى أعماقه؟

ميرلوبونتي: "الغير حاضر دوما"

     يتجاوز موريس ميرلوبونتي موقف أصحاب الأنا وحدية التي تدعي إدراك الأنا لوجودها إدراكا كديكارت الذي أدرك وجوده بواسطة وعيه فقط. فالإنسان حتى في خلوته التأملية يحمل الغير معه، فالغير حاضر دوما حتى في تأملنا الباطني وانعزالنا المطلق. فلا يمكن أن تحولني نظرة الغير إلى موضوع، وتحوله نظرتي إلى موضوع إلا في حالة واحدة، وهي تقوقع كل واحد منا على طبيعته الفكرية، أو تبادلنا نظرة لا إنسانية، حينما يتشبث كل واحد بعالمه الخاص، ويرفض التواصل مع الآخرين، في هذه الحالة يثم تشيء الغير وننظر إليه كحشرة من الحشرات، أما إذا اعترفنا للغير بحريته، وبطبيعته المفكرة، وخصائصه الذاتية التي لا يمكن أن تستلب فإننا لا نعدم التواصل معه.

يمكن القول إذن أن التواصل والحوار هما أساسا لمعرفة الغير، وأن الانطواء والعزلة هي التي تعرقل هذا التواصل يقول: "إذا كان على أن أتعامل مع إنسان مجهول لم ينطق بعد بكلمة، فبإمكاني أن أعتقد أنه يعيش في عالم آخر، عالم لا تستحق فيه أفعالي، وأفكاري أن توجد، لكن ما إن ينطق بكلمة أو يقوم بحركة تنم عن حالة نفاذ الصبر، حتى يكف عن التعالي على ذاتي، وأقول في نفسي إن ذلك الصوت صوته، وتلك الأفكار أفكاره، ها هو إذن المجال الذي اعتقدت أنه صعب الإدراك. إن كل وجود الآخرين لا يتعالى بشكل نهائي إلا عندما يظل حاملا ومنطويا على اختلافه الطبيعي".





ذ. أيوب الوكيلي


عن الكاتب

ayoub loukili
';
';

اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

التعلم وتطوير المهارات