التعلم وتطوير المهارات التعلم وتطوير المهارات
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

قد لا نحتاج إلى الأمل...... التداوي بالفلسفة رؤية رؤية وجودية للحياة.

 



قصة جميلة يمكن الاستفادة منها:

تقول القصة في  (كتاب العهد القديم) أن  النبي داوود، كان له ولد فمرض فحزن عليه كثيرا، فعند اليوم السابع فارق الولد المريض الحياة. تردّد الخدم في إخباره بالأمر، لكنه بعدما علم... كفكف دموعه، استحمّ وضع العطر المناسب بعد أن غير ملابسه، ودخل إلى بيت يهوه لأجل الصلاة، ثم عاد إلى البيت طالبا الطعام.

 هنا ازداد ذُهول الخدم، وعظمت حيرتهم، ولم يصبروا على سؤاله ما الأمر سيدي ! عندما مرض ابنك كنت طول الوقت صائمًا تبكي، وعندما مات جلست لكي تطلب الطعام !؟ أجابهم بهدوء: كنتُ حزينًا عندما كنت أشعر بأنه قد ينجو ويعيش. أما الآن فأنا . موقن بأنه لن يعود أبدا، بل أنا الذي سألحق به ذات يوم، فما جدوى الحزن إذًا؟

الرضا أساس الحياة السعيدة:

 نحتاج أن نعيش بالرضا على ما نحن عليه، لأن الأمل قد يكون بعض اللحظات خراب علينا، الأمل شر الشر.... نيتشه نفسه لم ينج من مبدأ الأمل العظيم (الإنسان الأسمى). قد يكون مبدأ الأمل عامل استقطاب.

كما أن الحياة تعلمنا أن  الاعتراف بانعدام الأمل قد يكون عامل إبداع وتحرّر وإثبات للذات يكفي أن يتصالح المرء مع قدره الخاص من دون أن يقارن قدره مع أقدار الآخرين، على منوال ما سيفعله سيزيف من منظور ألبير كامو في أسطورة سيزيف، غير أن الشعور بامتلاك الأمل قد يكون سلبيًا، وعامل استلاب في الأول، وإحباط في الأخير.

لم يجانب كيركغارد الصواب في اعتقاده بأن اليأس هو الشرط الأساسي للوعي (مبحث في اليأس). ذلك أن الشعور بانعدام الأمل يعيدنا مباشرة إلى الحاضر، حيث نعيش اللحظة وهي تنساب انسياب الأنغام الدافقة الرقيقة، وليس للوعي من مأوى آخر غير اللحظة.

في هذا الصدد نجد الروائي اليوناني الشهير نيكوس كازانتزاكيس، مكتوبة العبارة التالية: "لا آمل شيئًا ، لا أخشى شيئًا، أنا حرّ" وكما قال مولانا جلال الدين الرومي "هناك الكثير من الأمل في غياب الأمل"(الرباعيات.

كيف نتعامل مع المرض؟

السؤال الآن، كيف يكون تفكيرنا عندما تكون أجسادنا مريضة؟ على الأرجح سيكون تفكيرنا مريضًا أيضًا. هذا ما يقوله التسلسل المنطقي للقضايا. لكن من حسن حظنا أن الفرضيات العلمية قابلة للدّحض كما يؤكّد كارل بوبر.

 ومن حسن كذلك أن المعاينة تدحض فرضيتنا بسهولة، مثلا، حالة الفيزيائي ستيفن هوكينغ الذي عانى جسده من شلل كلّي، بل حالة نيتشه نفسه الذي كان جسده فريسة لأمراض مزمنة.

 لكن دوستويفسكي يذهب إلى أبعد من ذلك في تعرية عمق الطبيعة الإنسانية، إذ يعتبر كل أنواع الأنين مجرد تعبير عن لعنة الحقد التي يصبّها الإنسان المتألم على محيطه وعلى كل من لا يتألم من حوله، وذلك على طريقة، سأزعجكم بأنيني وأقض مضاجعكم حتى يلحقكم شيء من الأذى الذي لحقني (رسائل من تحت الأرض).

لهذا يجب أن نعلم من أمراضنا الكثير من الدروس في الحياة، كيف نعيش بنحو جيد

المرض حالة وجودية قد يمر منها أي إنسان بذلك نحتاج أن ندرك أن الألم جزء جوهري من الحياة ونتعايش معه.

يُخبرنا روسو في الجزء الأول من الكتاب بأنه سيُعلّم إميل شيئًا قد يبدو مستغرَبًا لكنّه من صميم مهارات الحياة. 

يقول له: سأعلمك كيف تمرض! فهل المرض من الأمور التي ينبغي تعلمها؟! المبدأ بسيط وعميق: لا يمكننا أن نعرف كيف نشفي من السقم إذا لم نعرف كيف نعيش حالات السقم. بمعنى أخر أن الشخص الذي لم يعاني في حياته لا يستطيع أن يساعد الناس في التغيير.

لماذا نفشل في الحب؟!

الحب تجربة جميلة لكنها لا تدوم.....كما لو أن الحب نار بعد أن تغلي الماء تخبو وتنطفئ بل كثيرًا ما تنطفئ قبل غليان الماء. ثمة قاعدة واضحة، عندما تكون نسبة النجاح ضعيفة فمعناه أن التجربة غير مناسبة، أو أن هناك شيئًا غير مناسب داخل التجربة.

هكذا تحتمل تجربة الحب نوعًا من القابلية للخداع والانخداع، وهذا بصرف النظر عن النيّات. يكفي أن نتساءل كم مرة اكتشفنا بأن شعورنا بالحب لم يكن عميقًا كما ....هناك قابلية أصلية هي الخوف من الانخداع هي التي تجعل الحب مدعاة للحزن. لذلك، يحفل الحب في التراث الشعري والغنائي الإنساني بالمفارقات الوجدانية الحارقة، فهو داء ودواء، فرح ودموع جنة ونار.

 خلاف ذلك يعلّمنا شوبنهاور قواعد السعادة العملية سواء بنحو صريح بنحو ضمني بنحو صريح، لأن ضمن مؤلفاته الأخيرة كتاب جميل بعنوان (فن أن نكون سعداء)؛ وبنحو ضمني لأن التحرر من الأمل أيضًا فرصة للتحرر من خيبة الأمل. إذا كنا نتعلم الكثير من قواعد السعادة من شوبنهاور الموصوف بالتشاؤم، فهل بوسعنا أن نتعلم منه الحب وهو الموصوف بكراهية النساء! لنواصل البحث.

الرضا بالقَدَر كمفهوم فلسفي

الرضى بالقدر يعتبر جوهر الحياة، في بعض اللحظات لا نملك فيه من سبيل آخر غير مسايرة، القدر، سواء مؤقتًا أو حتى الرمق الأخير.   مثلا، ثمّة زمن لمقاومة المرض خلال فترات الوقاية والعلاج، وثمّة زمن للتعايش مع المرض حين يصبح المرض مزمنا والشفاء مُحالا. أيضًا ثمّة زمن لمقاومة السقوط حين نفقد التوازن ونوشك على السقوط، وثمّة زمن لمسايرة السقوط حين ندرك بأن السقوط حاصل لا محالة.

غير أن مسايرة القدر لا تعني العجز والفشل، بل تعني مقاومة السوء من خلال البحث عن فرص جديدة، هذه الفرصة يمنحها التأمل، الذي يتيح لنا إمكانية إعادة بناء فهمنا للأمور، علما بأن الفهم الجيد للأحوال السيئة يخفف من الشعور بسوء الأحوال.

زينون والتعامل مع القدر:

يصوّر لنا زينون الرواقي مسألة تقبل القدر في شكل مشهد مجازي تبناه كثيرون من الفلاسفة الرواقيين من بعده،  يتخذ المشهد صورة كلب مربوط بالحبل إلى عربة تتحرك بسرعة متصاعدة بادئ الأمر فإن الكلب سيقاوم الجذب ويرفض الانجرار سيحاول الانعتاق، لكنه ما إن يدرك بأن الطوق محكم حتى يكون عليه أن يُحدّد خياره بسرعة، إما أن يساير اتجاه العربة حفاظا على ما بقي من كبريائه، أو سيجد نفسه مجرورًا بنحو مؤلم ومهين. 

 يحق لنا أن نقاوم القدر إلى حد معقول، لكننا نعلم في المقابل أن ثمة لحظة تصبح فيها مقاومة القدر مجرد عبث وإذلال مجاني للنفس……وهذا ما يسمى السباحة مع التيار حتى نستطيع التعايش مع الحياة وأفاقها الوجودية وندرك أن الحياة تحتاج منا أن نعيشها بكل لحظاتها الجميلة ونواجه صعوباتها وتحدياتها.

"اعرف نفسك بنفسك" معناها  أن يرضى كل امرئ بقدره الذي يخصه من دون سواه، ساعتها يمكن للقدر أن يخضع لبعض التحسين والتجويد والإبداع أيضًا. يقول نيتشه: "ينبغي أن تؤمن بالقدر، ويمكن للعلم أن يرغمك على ذلك. أما ماذا سينمو لديك عن ذلك الإيمان - جبن استسلام، أم عظمة وجرأة – فهو ما سيدلّ على نوعية الأرض التي أُلقيت فيها تلك البذرة" (إنسان يمفرط في إنسانيته).

 يقول مولانا جلال الدين الرومي: "كن مستسلما راضيًا حتى لا تلم بك التعاسة " (الرباعيات).

تعلّم يا من يروّعك هاجس السيف والرمح في يد اللص، تعلّم أن تَذرع حياتك خاوي الوفاض حتى يمكنك أن تُصَفِّر وتُغني أمام قاطع الطريق. قاطع الطريق هنا هو قاطع الطريق الذي نعرفه ولا نتمنى أن نصادفه، لكنه يدلّ أيضًا على «القدر الأخير» الذي قد يعترض طريقنا في هذه الحياة القصيرة.

.............................................................

المرجع الأساسي لهذه المقالة:

كتاب التداوي بالفلسفة الأستاذ سعيد نشيد.

عن الكاتب

ayoub loukili
';
';

اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

التعلم وتطوير المهارات